فصل: الاختلاف الرابع والستون إلى الاختلاف السابع والستين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: إظهار الحق (نسخة منقحة)



.الاختلاف الثاني والخمسون والثالث والخمسون:

مَنْ قابل الباب الثاني من إنجيل متى بالباب الثاني من إنجيل لوقا وجد اختلافًا عظيمًا بحيث يجزم أنه لا يمكن أن يكون كل منهما إلهاميًّا، وأنا أكتفي بنقل اختلافين:
(1) يعلم من كلام متى أن أبوي المسيح بعد ولادته أيضًا كانا يقيمان في بيت لحم، ويفهم من بعض كلامه أن هذه الإقامة فيه كانت إلى مدة قريبة من سنتين، وجاء المجوس هناك ثم ذهبا إلى مصر، وأقاما مدة حياة هيرود في مصر، ورجعا بعد موته، وأقاما في ناصرة، ويعلم من كلام لوقا أن أبوي المسيح بعد ما تم مدة نفاس مريم ذهبا إلى أورشليم، وبعد تقديم الذبيحة رجعا إلى ناصرة، وأقاما فيها وكانا يذهبان منها إلى أورشليم في أيام العيد من كل سنة، وأقام المسيح في السنة الثانية عشرة بلا إطلاع الأبوين ثلاثة أيام في أورشليم، وعلى كلامه لا سبيل لمجيء المجوس في بيت لحم، بل لو فرض مجيئهم يكون في ناصرة لأن مجيئهم في أثناء الطريق أيضًا بعيد، وكذا لا سبيل لذهاب أبويه إلى مصر وإقامتهما فيها لأنه صريح في أن يوسف لم يسافر قط من أرض اليهود لا إلى مصر ولا إلى غيرها.
(2) يعلم من كلام متى أن أهل أورشليم وهيرود ما كانوا عالمين بولادة المسيح قبل أخبار المجوس، وكانوا معاندين له، ويعلم من كلام لوقا أن أبوي المسيح لما ذهبا إلى أورشليم بعد مدة النفاس لتقديم الذبيحة، فسمعان الذي كان رجلًا صالحًا ممتلئًا بروح القدس وكان قد أوحى إليه أنه لا يرى الموت قبل رؤية المسيح، أخذ عيسى عليه السلام على ذراعيه في الهيكل وبين أوصافه، وكذلك حَنَّة النبية وقفت تسبح الرب في تلك الساعة، وأخبرت جميع المنتظرين في أورشليم، فلو كان هيرود وأهل أورشليم معاندين للمسيح لما أخبر الرجل الممتلئ بروح القدس في الهيكل الذي كان مجمع الناس في كل حين، ولما أخبرت النبية بهذا الخبر في أورشليم التي كانت دار السلطنة لهيرود.
والفاضل (نورتن) حام للإنجيل لكنه ههنا سلم الاختلاف الحقيقي بين البيانين وحكم بأن بيان متى غلط وبيان لوقا صحيح.

.الاختلاف (54):

يعلم من الباب الرابع من إنجيل مرقس أن المسيح أمر الجماعة بالذهاب وحدث التموج والهيجان في البحر بعد وعظ التمثيلات، ويعلم من الباب الثامن من إنجيل متى أن الحالين المذكورين بعد وعظ الجبل، وكتب وعظ التمثيلات في الباب الثالث عشر، فهذا الوعظ متأخر عن الحالين المذكورين تأخرًا كثيرًا، لأن بين الوعظين مدةً مديدة فأحدهما غلط لأن التقديم والتأخير في تاريخ الوقائع وتوقيت الحوادث من الذين يدعون أنهم يكتبون بالإلهام أو يُدَّعى لهم ذلك بمنزلة المناقضة.

.الاختلاف (55):

كتب مرقس في الباب الحادي عشر أن مباحثة اليهود والمسيح كانت في اليوم الثالث من وصوله إلى أورشليم، وكتب متى في الباب الحادي والعشرين أنها كانت في اليوم الثاني فأحدهما غلط، وقال هورن في بيان هذين الاختلافين اللذين مر ذكرهما في هذا الاختلاف والاختلاف السابق عليه في الصفحة 275 و276 من المجلد الرابع من تفسيره المطبوع سنة 1822 من الميلاد (لا تخرج صورة مّا من التطبيق في هذه الأحوال).

.الاختلاف (56):

كتب متى في الباب الثامن أولًا شفاء الأبرص بعد وعظ الجبل، ثم شفاء عبد قائد المائة بعد ما دخل عيسى عليه السلام كفر ناحوم، ثم شفاء حماة بطرس، كتب لوقا في الباب الرابع أولًا شفاء حماة بطرس ثم في الباب الخامس شفاء الأبرص ثم في الباب السابع شفاء قائد المائة، فأحد البيانين غلط.

.الاختلاف (57):

أرسل اليهود الكهنة واللاويين إلى يحيى ليسألوه: من أنت؟ قالوا: أأنت إيليا فقال: لست أنا بإيليا، كما هو مصرح في الباب الأول من إنجيل يوحنا، وفي الآية الرابعة عشرة: من الباب الحادي عشر من إنجيل متى قول عيسى في حق يحيى عليهما السلام هكذا: (وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي). وفي الباب السابع عشر من إنجيل متى هكذا: 10 (سأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغي أن يأتي أولًا) 11 (فأجاب يسوع وقال لهم إن إيلياء يأتي أولًا ويرد كل شيء) 13 (ولكني أقول لكم إن إيلياء قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا، كذلك ابن الإنسان أيضًا سوف يتألم منهم) 13 (حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان)، فعلم من العبارتين أن يحيى هو إيليا الموعود، يلزم التناقض في قول يحيى وعيسى عليهما السلام.
(تنبيه) لو تدبر أحد في كتبهم لما أمكن له الإذعان بكون عيسى مسيحًا موعودًا صادقًا، ولنمهد لبيان الملازمة أربعة أمور:
الأول: أن يواقيم بن يوشا لما أحرق الصحيفة التي كتبها باروخ من فم أرميا عليهم السلام، نزل الوحي إلى أرميا هكذا: (الرب يقول في ضد يواقيم ملك يهوذا أنه لا يكون منه جالس على كرسي داود) كما هو مصرح في الباب السادس والثلاثين من كتاب أرميا. والمسيح عندهم لا بد أن يكون جالسًا على كرسي داود، ونقل لوقا أيضًا في الباب الأول من إنجيله قول جبريل لمريم عليهما السلام في حق عيسى عليه السلام (ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه).
الثاني: إن مجيء المسيح كان مشروعًا بمجيء إيليا قبله، وكان من إنكار اليهود عيسى عليه السلام أن إيليا ما جاء، ومجيؤه أولًا ضروري وقد سلم عيسى عليه السلام أيضًا أن إيليا يجيء أولًا لكنه قال إنه قد جاء ولم يعرفوه، وإيليا أيضًا قد أنكر أني لست بإيليا. الثالث: أن ظهور المعجزات وخوارق العادات عندهم ليس دليل الإيمان فضلًا عن النبوة ثم فضلًا عن الألوهية. في الآية الرابعة والعشرين من الباب الرابع والعشرين من إنجيل متى قول عيسى عليه السلام هكذا: (سيقوم مُسَحاء كذَبَة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يُضلوا لو أمكن المتارين أيضًا)، وفي الآية التاسعة من الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي قول بولس في حق الدجال: (الذي مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة وبآيات وعجائب كاذبة).
الرابع: أن من يدعو إلى عبادة غير اللّه، فهو واجب القتل بحكم التوراة وإن كان ذا معجزات عظيمة، ومدَّعي الألوهية أَشنعُ من هذا، ويدعو إلى عبادة غير اللّه لأنه غير اللّه يقينًا كما ستعرف في الباب الرابع مفصَلًا ومدلَّلًا، ويدعو إلى عبادة نفسه فإذا عرفت هذه المقدمات الأربع فأقول: إن عيسى عليه السلام ولد يواقيم على حسب النسب المدرج في إنجيل متى، فلا يكون قابلًا لأن يجلس على كرسي داود بحكم المقدمة الأولى، ولم يجيء قبله إيليا لأن يحيى لما اعترف بأنه ليس بإيليا فالقول الذي يكون بخلافه لا يقبل، ولا يتصور أن يكون إيليا مرسلًا من اللّه ذا وحي وإلهام ولا يعرف نفسه، فلا يكون عيسى عليه السلام مسيحًا موعودًا بحكم المقدمة الثانية، وادعى الألوهية على زعم أهل التثليث، فيكون واجب القتل بحكم المقدمة الرابعة، والمعجزات التي نقلت في الأناجيل ليست بصحيحة عند المخالف أولًا، ولو سُلمت ليست دليلَ الإيمان فضلًا عن النبوة، فيكون اليهود مصيبين في قتله، والعياذُ باللّه، وما الفرق بين هذا المسيح الذي يعتقده النصارى وبين مسيح اليهود، وكيف يُعلم أن الأول صادق والثاني كاذب، مع أن كلًا منهما يدعي الحقيقة لنفسه، وكلٌّ منهما ذو معجزات باهرة على اعترافهم فلا بد من العلامة الفارقة بحيث تكون حجة على المخالف، فالحمد للّه الذي نجانا من هذه المهالك بواسطة نبيه وصفيه محمد صلى اللّه عليه وسلم حتى اعتقدنا أن عيسى ابن مريم عليهما السلام نبي صادق ومسيح موعود بريء عن دعوى الألوهية، وافترى أهل التثليث عليه في هذا الأمر.

.الاختلاف الثامن والخمسون إلى الاختلاف الثالث والستين:

وقع في الباب الحادي عشر من إنجيل متى، والباب الأول من إنجيل مرقس، والباب السابع من إنجيل لوقا هكذا: (ها أنا أُرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قُدَّامك)، ونقل الإنجيليون الثلاثة هذا القول على رأي مفسريهم من الآية الأولى من الباب الثالث من كتاب ملاخيا، وهي هكذا: (ها أنا ذا مرسل ملاكي، ويسهل الطريق أمام وجهي).
فبين المنقول والمنقول عنه اختلاف بوجهين: الأول: أن لفظ (أمام وجهك) في هذه الجملة (ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي) زائد في الأناجيل الثلاثة ولا يوجد في كلام ملاخيا. والثاني: أن كلام ملاخيا في الجملة الثانية بضمير المتكلم، ونقل الثلاثة بضمير الخطاب، قال (هورن) في المجلد الثاني من تفسيره ناقلًا عن (داكتر ريدلف): (لا يمكن أن يبين سبب المخالفة بسهولة غير أن النسخ القديمة وقع فيها تحريف ما)، فهذه ستة اختلافات بالنسبة إلى الأناجيل الثلاثة.

.الاختلاف الرابع والستون إلى الاختلاف السابع والستين:

الآية السادسة من الباب الثاني من إنجيل متى مخالفة للآية الثانية من الباب الخامس من كتاب ميخا، وأربع آيات من الباب الثاني من كتاب أعمال الحواريين من الآية الخامسة والعشرين إلى الآية الثامنة والعشرين مخالفة لأربع آيات من الزبور الخامس عشر على وَفْق الترجمة العربية، ومن الزبور السادس عشر على وَفْق التراجم الأخر من الآية الثامنة إلى الآية الحادية عشرة، وثلاث آيات من الباب العاشر من الرسالة العبرانية من الخامسة إلى السابعة مخالفة لثلاث آيات من الزبور التاسع والثلاثين على وَفْق الترجمة العربية، ومن الزبور الأربعين على وفق التراجم الأخر، والآيتان من الباب الخامس عشر من كتاب أعمال الحواريين أعني السادسة عشرة والسابعة عشرة مخالفتان لآيتين من الباب التاسع من كتاب عاموص، أعني الحادية عشرة والثانية عشرة.
وقد سلم مفسروهم الاختلاف في هذه المواضع، واعترفوا بأن النسخة العبرانية محرفة، وهذه الاختلافات وإن كانت كثيرة لكني لما أجملت قلت إنها أربعة.

.الاختلاف (68):

الآية التاسعة من الباب الثاني من الرسالة الأولى إلى أهل قونيثيوس هكذا: (بل كما هو مكتوب ما لم ترَ عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعده اللّه للذين يحبونه)، وهي منقولة على تحقيق مفسريهم من الآية الرابعة من الباب الرابع والستين من كتاب أشعياء هكذا: (منذ الدهر لم يسمعوا ولم يقبلوا بآذانهم، العين لم تر اللّهم بغيرك التي هيأت لمنتظريك) ففرق بينهما وسلم مفسروهم هذا الاختلاف ونسبوا التحريف إلى كتاب أشعياء.

.الاختلاف (69):

كتب متى في الباب العشرين من إنجيله: أن عيسى لما خرج من أريحا وجد أْعمَييْن جالسين في الطريق وشفاهما عن العمى، وكتب مرقس في الباب العاشر من إنجيله أنه وجد أعمى واحدًا اسمه باريتمارس فشفاه.

.الاختلاف (70):

كتب متى في الباب الثامن أن عيسى لما جاء إلى العبر إلى كورة الجدريين استقبله مجنونان خارجان من القبور فشفاهما، وكتب مرقس في الباب الخامس ولوقا في الباب الثامن أنه استقبله مجنون واحد خارجًا من القبور فشفاه.

.الاختلاف (71):

كتب متى في الباب الحادي والعشرين أن عيسى أرسل تلميذين إلى القرية، ليأتيا بالأتان والجحش وركب عليهما، وكتب الثلاثة الباقون ليأتيا بالجحش فأتيا به وركب عليه.

.الاختلاف (72):

كتب مرقس في الباب الأول أن يحيى كان يأكل جرادًا وعسلًا بريًا، وكتب متى في الباب الحادي عشر أنه كان لا يأكل ولا يشرب.